Tuesday, July 27, 2010
لو غابت مصر للحظة ... مَن منـّـا سيكون اليتيم ؟!
لو غابت مصر للحظة ... مَن منـّـا سيكون اليتيم ؟!
بقلم : كريم بهـي
*
- أنا من عشاق العندليب الأسمر لاسيما اغانيه الوطنية أيام الثورة ، وهناك اغنية
( صـورة ) الذي يقول فيها : " صورة صورة كلنا كدا عايزين صورة ... صورة صورة تحت الراية المنصورة " وعادة ما يلفت انتباهي فيها ثلاث ٌ من كلماتها هم الداعي وراء كتابة هذا المقال ، اولهم كلمة " صورة " وثانيهم كلمة " كلنا " وثالثهم " الراية المنصورة " .
وأصبحت أفكر هل من الممكن أن تكون هناك صورة اليوم تجمعنا كلنا ؟! ، ولكن قبل هذا من هم " كلنـا " في الاصل ؟؟ . اذا كانت الصورة الواقعية المصلوبة في آذهاننا عن حياتنا المصرية صورة تصور ببراعة مشهدا لأفضل العلاقات العكسية ، فالحكومة و المعتصمون بين قوسين (ناس من الشعب) في علاقة عكسية ، وحزبها الحاكم الذي يظهر فى التلفاز ومانشيتات الجرائد باخبارتتحدث عن شعبنا هي فى الحقيقة فى علاقة عكسية مع واقعنا ، والضابط فى قسم الشرطة فى علاقة عكسية مع السجين بين قوسين (واحد من الشعب ) ،وأتخيل أن معظم التيارات الدائرة بشراسة فى لحم الشارع المصري سواء كانت سياسية دينية فكرية معارضة مساندة فى النهاية تصب فى اتجاهات معكوسة أيضاً .
- صورتنا اليوم غريبة لاسيما أن تداركنا أمرنا الحقيقي .. لأن الحكومة مصرية والمعتصمون مصريون والحزب الحاكم والاحزاب المعارضة الاخري كلها مصرية ، والضابط والسجين مصريان ، والاقباط والمسلمون مصريون والسارق والمسروق والراشي والمرتشي والظالم والمظلوم وأنا وأنتَ وأنتِ و... و... و ... مصريووون ، كلنا أقصد كل منـّا علي حدة (مصري) .
- لكن أين مصر فينــا ؟ صاحبة الصورة ،ما أعتقده ان مؤلف كلمات أغنية " صورة " كان يريد أن يسجل معادلة تاريخية حتمية هي { الصورة +كلنــا +الراية المنصورة = مصــر}
فالصورة ذات الابعاد والاطار الثابت والشكل والزمن أظنها اليوم مشتتة مقطعة تماما ، و" كلنا " كلمة غير منطقية بالمرة لأن تدل علينا فى الوقت الحالي بالشكل الواقع ، أما " الراية " فلا أري أي راية نستظل بظلها أو نستتبع شمسها أو ننصرها ! .. اعتقد هنا يكن مكمن الازمـة حيث فقدان الراية ولا أقصد بالتحديد الزعامة والقيادة فحسب وانما الطريق الصحيح الثابت الذي يعاكسه يكون هو الطريق الخاطئ .. فمثلاً في عصر ما قبل الثورة عصرالملكية و الاحتلال البريطاني لمصر كان المصري الوطني هو الذي يكون ضد الملك والاحتلال والخائن من يتعامل معهم او يساندهم ، أما ما بعد الثورة اشاعت حكومة الثورة فكرة أن الوطنية فقط تكمن فى تأييد الثورة والخيانة كلها في عكس ذلك ثم جاءت النكسة باظافر اسرائيل النتنة وأصبح الموقف الوطنى ضد الاحتلال بطبيعة الحال وعكس ذلك هو الخيانة .
من الملاحظ فى كل ما سبق عدا عصر ما بعد الثورة أن الطرفين واحد مصري والاخرغير مصري أي " عدو " ، لكن بعد عام 1973م ونصر اكتوبر جاء جيل جديد تغيرت الموازين قليلاً لديه فالمصلحة العامة تحت مبدأ كلمة " كلنــا " أصبح من يقف ضدها يكون الخائن لاسيما بعد دخول عصر الانفتاح الاقتصادي وانطلاق انتفاضة يناير 1977م لارتفاع اسعار بعض السلع فالذين خرجوا من الشعب كانوا مصريون والحكومة كانت مصرية أيضاً والاثنان تبادلو لفظا خطيراً " الخيانة " ، فالشعب الثائر وصف الحكومة وهو في سجونها " بالخائنة " والحكومة على رأسها الرئيس السادات وصفتهم " باللصوص الخونة " ومعني ذلك أن الحكومة والشعب كل منهم ينظر لنفسه على انه " الوطنـي " .
ـ لكن الموقف الآن اصعب وأسوأ فربما أيام يناير 1977م خرج الشعب من كل درب ومجال وصوب كتلة واحدة تحت فكرة " كلنــا " لمطلب واحد تقريبا لمصلحة كبيرة حقيقية ، أما تحت مظلة ما سمي " بالاصلاح الاقتصادي والخصخصة " أصبح رغيف العيش كما يتصوره كل على حدا هو الداعي وراء اعتصام الالاف من المواطنين المصريين . والغريب أن كل فئة معتصمة تجاور الفئات الاخري على رصيف واحد لا تفصلهم عن بعضهم سوي بعض السنتيمرات القليلة ولا يلتحموا ابدا ليدخلوا تحت مبدأ " كلنا " لاسيما ان معظم مطالبهم شبه متقاربة .. وتسائل الكثيرون عن السبب وانا أولهم ولكنى أتصور أنهم لن يلتحموا لأن كل فئة ترفع لافتــة عليها مطلبها هي " رايتـها " التي تحاول أن تنصرها وبذلك يكون من يساندها هو الوطني من وجهة نظرها ومن ضدها خائن . خائن . خائن !!!! .
- والاعجب انهم اعتصموا كافراد شعب مصريين على الرصيف المقابل الذي هو فى الجانب الاخر لمبني " مجلس الشعب " لتصبح المعادلة اكثر تعقيداً وتراكباً { شعب و شعب }
فماذا فعل الشعب الذي هو داخل المبني للشعب الذي افترش الرصيف شهورا ثم تم كنسه وطرده بأبشع صورة مهينة للانسانية من امام مبني واعين مجلس الشعب . فمن الطبيعي أن الشعب الذي علي الرصيف يعتبر الشعبالذي داخل المبني الان " خااائن " رغم أنه نائب عنه . لدي من ؟ لدي الحكومة المصرية التي طردتهم . طردت من ؟ المعتصمون المصريون . لماذا ؟ لانهم يطالبوا بحقوقهم . وهل لهم حق ؟ المفروض فهم ابناء هذا البــلد . أي بلد ؟! ............ مصـــــر .
ــ عزيزي القارئ وصلنا إلي ما كنت ارنو اليه منذ البداية فقد كررت كلمات " مصري ، مصرية مصريان ، مصريون" لأصل فى النهاية إلي " مصــر " . مصر الصورة الكبيرة فأين الصورة ؟ ، مصر " كلنــا " أي " كلنا " ؟ ، مصر الراية المنصورة . أي راية ؟ وأي نصر ؟ ، مصر النيل . النيل اللذين يريدون أخذه منا ؟ فلتمت حسرة وغيظا وصمتا يا حابي !! ، مصر التاريخ . التاريخ الذي يوم ان تذكروه يريدون تقطعيه فمن يريد قطع يديه ومن يريد قطع رجله ومن يحاول قطع رأسه تماما ! فهذا يقول : " نحن اقباط فراعنة لا علاقة لنا بعروبة ولا شبة الجزيرة العربية " متنصلا من عروبتنا .. وذاك قائلا : " نحن مسلمون عرب لا علاقة لنا بفراعنة كفرة " متنصلا من مجدنا وحضارتنا .
ــ أين مصر فينا ؟! ... في ذاكرتي موقف أحمله منذ أيام المدرسة لا أنساه حين كان يقف مدرس أو زميل لنا لتحية العلم هاتفا فينا بقوة " تحيا جمهورية مصر العربية " مرددين نحن وراءه ، كان بعض الطلبة بل اكثرهم فى زحمة الصوت العالي يرددون بدلا من تحية العلم " واحد فول واتنين طعمية " الموقف هزلي على ما يبدو ولكني ارتجف حين اتصور ان تتشعب فينا ثقافة غريبة حتى الاطفال والتلاميذ هي أن لقمة العيش نظرا لصعوبتها وعدم دوامها تكون هي ( الوطن والوطنية ) مثلما كان يفعل الانسان ما قبل تاريخينا المصري على الهضبة فاينما وجد الثمــار يكون سكنه وانتماؤه ( نقطة ومن بداية التاريخ ) .
ــ كلنا مصريون وكل منا يري نفسه وطني وربما يري الاخرين خونة .. كلنا ندعي اننا ابناء مصر الابرار واننا احبابها المقربون ، ولكن افتراضا ـ لاقدر الله ـ
لو غابت مصر ليوم .. للحظة !! يا تري من منــّا سيكون اليتيم ؟!
*
كريم بهي
11 يوليو 2010 م
*
المقال نشر جزء منه فى جريدة الشروق الجديد فى عدد يوم الاحد 25 يوليو2010
Friday, July 2, 2010
علامات استفهامنا كاذبة
(1)
نحملُ شوارعاً ممتدة بطول الجروح
تسألنا عن أسمائها
ونسألها نحن عن أسمائنا ..
وتدور هذه السماءُ أمام أعيننا
تدّور عن نجماتٍ قد خبأتها في أحد منا
ولا يوجد فينا اليوم حفرة انسان ٍ واحد
تصلح للتفتيش
هويتنا تقريبا بعمق سطح الأسفــلت
اذن أين النجمات ؟ أو من سرقهــا ؟
تركت السماء أسئلتها هكذا
في أحد شواعنا أمام اشارة مرور حمراء
وراحت تدّور
وبقية المارة واقفون علامات استفهام ٍ
يهرولون بين الاسفلت واشارات المرور
والضوء الاحمر يتلذذ
باصطياد حبات العرق السمراء
(2)
أنا وحبيبتى وثالثنا قصة الحب
من بين المارة نحمل شوارعنا
نحاول حل معادلات الحب بيننا
بحثت فيها عن الجسد والغريزة
وروح ٍ تنفخ فى شيطانى كي اكتب شعر
وبحثت هى في عن الخطيئة والذنب
وما تبقى من العقيدة
البكاءُ كان صديقنا الأول
والحزنُ منضدة ٌ أثيرة لنا على كل مقهي
فجاة .. قررت أن تلقي بي إلي الفراق
وبئس المصير
و لأنى عاشقها .. نويت أن أصلي
فتشتُ عن آذان ٍ في شارعي
سألني الآذانُ اولاً هو ابن أي مئذنة ؟
سألته لأي رب قد نصلي ؟!
سألتنا السماء أين النجمات ؟
كانت الاشارة حمراء ُ
في دهشةٍ صوبنا جباهنا صوب الضوء الاحمر
وحبات عرقي مهيئة للانصياد !
(3)
حبيبتي ـ كما تعودت أن أناديكِ ـ
علمتنا الشوارع التى نحملها
أن هذي الحياة دائرة ٌ
تشبه أرغفة الخبز ،
والرجولة حمل شوارع طويلة أمام الاشارات
أما الدين ُ أن تكون المرأة خيمة سوداء
أو ثوب قماش يجمعه الخيط ُ
علمتنا أن نحب أحياناً
ثم نبيع هذ الحب لأول فراق مشتري
مقابل أكبر قدر من الذكريات الحزينة
علمتنا الا نخجل من عدسة الكاميرات
حين نكذب على صورتنا
في ابتساماتٍ عريضة
بأسنان ٍ صفراء ـ من كثرة الضحك المزوّر ـ
وعيون ٍ بالكاد يتشبث فى أهدابها الدمعُ
(4)
أعلم أنك تحبينى
وباستطاعتي أن أخلع لك روحي تفصيليها كما تشائين
لكن ، انظري ألف اشارة مرور حمراء بيننا
وشوارعنا جدا طويلة
عذراً ، سأكذبُ
" لست تحبيني .. طبائعنا شوارع معكوسة "
جميعنا نكذبُ ونكذبُ
وفي عيوننا ألفُ حقيقة
السماء لم تزل تسألنا عن النجمات
رغم أن مذ ولدنا
الغيمُ من فوقنا ، والاسفلتُ من تحتنا
وتحاصرنا اشاراتُ المرور الحمراء .
لا أنا حبيبكِ ، ولا أنتِ حبيبتي
ولا السماء تترك فى الارض نجمات
ولا الأسماءُ اسمائنا
ولا الشوارع تعرفنا
علاماتُ استفهامنا كاذبة !
كاذبة !
كاذبة !
ولكن عذرا سأكذبُ ... !!
*
كريم بهي
مايو 2010
******************
القصيدة موجودة الان على
موقع الف ليلة وليلة
اضغط هنــــــا
Subscribe to:
Posts (Atom)