رسالة طفل فلسطيني إلي أبيه الميت
بسم الله الرحمن الرحيم أبي المرحوم
بعد الدعاء بالرحمة
أمس يا أبي كنت عائدا من المدرسة أحمل تلك الحقيبة الثقيلة على ظهري كما أحملُ أتربة الشوارع التي مشيت بها اثناء المظاهرات كنت متعبا جدا يا أبي بعد طول النهار فى هتافات وصراخ
وبينما انا فى عودتى دخلت من الشارع الذي اعتدت ان تحذرنى منه فأنا تعلمت منك شيئين اثنين اولهما الا اخاف ابدا الا من الله وثانيهما الا ادخل من هذا الشارع الذي يتواجد فيه ( اولاد الكلب ) لكنى دخلت وخالفت الوصية
بالفعل كانوا هناك كعادتهم يقفون وظللت امشى حتى استوقفنى احدهم يا أبى بركلة قوية من رجله اليمنى فى بطني فوقعت على الارض
وداس عليّ بحذاءه الاسود الكبير الملطخ بالوان الاحمر والاصفر والازرق ببقع الدم التى تعرفها جيدا يا ابي وتمعن النظر في وفي حقيبتى وفى وجهي وملابسي وفى عيني ثم شدني بذراعيه فاوقفنى وكاااااد ان يتركني .......ارحل الا انى بصقت فى وجهه ........ اجل يا ابى بصقت فى وجهه كما علمتنى الا اخاف
فلطمنى كثيرا على وجهنى وظل يضربنى ويركلنى كالكرة امامه حتى ادمى وجهي وشفتى وجسدي وشقت رأسي وصرتُ كما شئ مغموس فى بركة دماء
ثم خلعنى ملابسى كلها يا أبي وتحولت كمولود يصرخ ويبكي كمولود لا ينقصه سوى الحبل السري وقفت مخذولا امامه جدا والدماء كقطرات حزن تسيل ودموعي كانصهار طفولتى على خدي
لكن اذكرك يا أبى اننى لم اكن خائفا بالمرة بل كنت عاجزا فقط وجلستُ ساعات وانا افكر فى امي لو رأتني عاريا هكذا ماذا ستفعل ؟ وانا احتمي فى دمائي وبعض الحجارة وظل الحائط الذي ارتكن عليه ، فكرت كثيرا وهو يحتجزني ( ابن الكلب ) وحسبت ان انهي المسألة قبل وصول امي اليّ فاندفعت صارخا نحوه وضربته بقضبتى الصغيرة التى تعرفها يا ابي وما زادنى جرأة الا الخوف الذي لمحته على وجهه اولاً حتى ركلنى بعيدا عنه وصــوّب ماسورة مدفعه الرشاش نحوي ... واستعد لاطلاق الموت علي مجزئا فى بعض الرصاصات وبالفعل لم يفكر كثيرا ( ابن الكلب) واطلق الموت سريعا اليّ
فالرصاصة الاولي ...... آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه
والرصاصة الثانية ...... انكسرت على ركبتيّ
والرصاصة الثالثة ...... ركذت على يدي الصغيرتين
والرصاصة الرابعة ....... انقلبت على ظهري
والرصاصة الخامسة ....... ارتطمت يدي بالارض
والرصاصة السادسة ....... لامس وجهى الدامى الارض برفق
والرصاصة السابعة ....... اخرجت اخر زفير موجوع
والرصاصة الثامنة ........ سكنت بين الدماء
والرصاصة التاسعة ....... اغمضت عينى بدمعة الفراق
والرصاصة العاشرة ....... تركت الدنيا مبتسما دامعا
عشر رصاصات من ماسورة مدفعه ( ابن الكلب ) ارسلتنى للموت برسالة طفل فلسطينى جديد
وها انا الان اجاورك القبر يا أبي ادعوك للزيارة والسكن لروحين من دم واحد
التوقيع
ابنك؛
********************************
وكأن فى عيون الفجرِ
دمــــوع
أو شيئا من حزن
نظرته دامعة مصلوبة
على وتر الكمان
يشتد النغم الباكي
لحظـات
يشتدُ
حتى تنقطع الاوتار
حينها يحترق الستار
ويغمض الفجر عينيه
تبقى دمعة واحدة
دمعتى أنا
أنا النهار
المختبئ فى جثة طفل
وملفوف فى حريق الستار
أنا النهار
كريم بهي