Saturday, March 1, 2008

أدب الاطفال المكتوب للكبار ( 3

رسالة طفل فلسطيني إلي أبيه الميت

بسم الله الرحمن الرحيم
أبي المرحوم
بعد الدعاء بالرحمة
أمس يا أبي كنت عائدا من المدرسة أحمل تلك الحقيبة الثقيلة على ظهري كما أحملُ أتربة الشوارع التي مشيت بها اثناء المظاهرات كنت متعبا جدا يا أبي بعد طول النهار فى هتافات وصراخ
وبينما انا فى عودتى دخلت من الشارع الذي اعتدت ان تحذرنى منه فأنا تعلمت منك شيئين اثنين اولهما الا اخاف ابدا الا من الله وثانيهما الا ادخل من هذا الشارع الذي يتواجد فيه ( اولاد الكلب ) لكنى دخلت وخالفت الوصية
بالفعل كانوا هناك كعادتهم يقفون وظللت امشى حتى استوقفنى احدهم يا أبى بركلة قوية من رجله اليمنى فى بطني فوقعت على الارض
وداس عليّ بحذاءه الاسود الكبير الملطخ بالوان الاحمر والاصفر والازرق ببقع الدم التى تعرفها جيدا يا ابي وتمعن النظر في وفي حقيبتى وفى وجهي وملابسي وفى عيني ثم شدني بذراعيه فاوقفنى وكاااااد ان يتركني .......ارحل الا انى بصقت فى وجهه ........ اجل يا ابى بصقت فى وجهه كما علمتنى الا اخاف
فلطمنى كثيرا على وجهنى وظل يضربنى ويركلنى كالكرة امامه حتى ادمى وجهي وشفتى وجسدي وشقت رأسي وصرتُ كما شئ مغموس فى بركة دماء
ثم خلعنى ملابسى كلها يا أبي وتحولت كمولود يصرخ ويبكي كمولود لا ينقصه سوى الحبل السري وقفت مخذولا امامه جدا والدماء كقطرات حزن تسيل ودموعي كانصهار طفولتى على خدي


لكن اذكرك يا أبى اننى لم اكن خائفا بالمرة بل كنت عاجزا فقط وجلستُ ساعات وانا افكر فى امي لو رأتني عاريا هكذا ماذا ستفعل ؟ وانا احتمي فى دمائي وبعض الحجارة وظل الحائط الذي ارتكن عليه ، فكرت كثيرا وهو يحتجزني ( ابن الكلب ) وحسبت ان انهي المسألة قبل وصول امي اليّ فاندفعت صارخا نحوه وضربته بقضبتى الصغيرة التى تعرفها يا ابي وما زادنى جرأة الا الخوف الذي لمحته على وجهه اولاً حتى ركلنى بعيدا عنه وصــوّب ماسورة مدفعه الرشاش نحوي ... واستعد لاطلاق الموت علي مجزئا فى بعض الرصاصات وبالفعل لم يفكر كثيرا ( ابن الكلب) واطلق الموت سريعا اليّ


فالرصاصة الاولي ...... آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه
والرصاصة الثانية ...... انكسرت على ركبتيّ
والرصاصة الثالثة ...... ركذت على يدي الصغيرتين
والرصاصة الرابعة ....... انقلبت على ظهري
والرصاصة الخامسة ....... ارتطمت يدي بالارض
والرصاصة السادسة ....... لامس وجهى الدامى الارض برفق
والرصاصة السابعة ....... اخرجت اخر زفير موجوع
والرصاصة الثامنة ........ سكنت بين الدماء
والرصاصة التاسعة ....... اغمضت عينى بدمعة الفراق
والرصاصة العاشرة ....... تركت الدنيا مبتسما دامعا
عشر رصاصات من ماسورة مدفعه ( ابن الكلب ) ارسلتنى للموت برسالة طفل فلسطينى جديد
وها انا الان اجاورك القبر يا أبي ادعوك للزيارة والسكن لروحين من دم واحد
التوقيع
ابنك؛


********************************
وكأن فى عيون الفجرِ
دمــــوع
أو شيئا من حزن
نظرته دامعة مصلوبة
على وتر الكمان
يشتد النغم الباكي
لحظـات
يشتدُ
حتى تنقطع الاوتار
حينها يحترق الستار
ويغمض الفجر عينيه
تبقى دمعة واحدة
دمعتى أنا
أنا النهار
المختبئ فى جثة طفل
وملفوف فى حريق الستار
أنا النهار
كريم بهي

18 comments:

fawest said...

صحيح بتقول ان تعليقك كتير يهمنى
لكن دائما حاولت قرائتك بصمت

تذكرت روايه حالم بفلسطين
لرانده غازى
وهى بالمناسبه مصريه تعيش فى إيطاليا و عمرها لا يكمل العشرون عند كتابه روايتها

فيها نفس المشهديه المؤلمه
لا أحب حد يرخم عليك و يقول لما الولد مات كتب أزاى الرساله دى
معلش يا كريم انا قابلت ناس بترخم بالطريقه دة و لولا الملامه كنت تفيت عليهم
حلوه النهايه ان والده أستشهد جنبه فى القبر
حلوه جدا يا كريم
يسلم قلمك

shreen said...

كريم
وما اقساه من نهار ذلك الذى تنتهى به المأساه

لكن لحظه الخوف الذى اثارها الطفل الصغير
فى عين ابن الكلب

التى جعلته يلمح الخوف فى عين الجندى القذر
امام غضبة طفل لا حول له ولا قوه

تكفى ليموت وعلى شفتيه تلك الابتسامه

انهم حقا جبناء الخلق والخلقه

الصغير امام رصاصات القذر
تلقى عشر منها قبل ان يسقط وعلى شفتيه ابتسامه

الحقير تلقى ضربات بقبضة طفل صغير
اثارت ذعرا فى عينيه

وهذا هو الفارق بيننا وبينهم

Unknown said...

كريم

اية اخبارك

روعة بجد يا كريم

انا بعشق كتاباتك فى ادب الاطفال

بص يا كريم معلش انا بس موودى مش حلو النهرضة

ممكن تسمحلى اعلق على البوست وقت تانى؟؟


دومت بالف خير

نوراى

دينا فهمي said...

النهار يختبيء في جثة طفل؟؟
صعبة يا كريم
صعبة أوي

كريم بهي said...

فاوست
طه عبد المنعم الغالى

كم يسعدنى كثيرا اديب مثلك ان يقرأنى فى صمت وهدوء
أما بالنسبة لمقارنة الجميلة بتلك الكاتبة المصرية التى لا اعرفها
فعلا هناك تقارب فى الميول والافكار لكثير من الادباء والكتاب لنفس العمر
هكذا علمت بعد خبرة اننا الكتاب دائرة مكملة لبعضنا

واشكرك على تعليقك الجميل دا من اخ بحبه اوى مثلك

تحياتى فاوست

كريم بهي said...

شيرى
صديقة الروح
عندك حق
عندك حق
عندك حق

***************************
نوراي
نوراي
نوراي

بحس بالامان لما بتكونى عندي
ميرسى خالص

وحشتنا بوستاتك بقى
عاوزين جديد

*********************
امرأة لاتقول الذى لا يقال

هى فعلا صعبة
بس هى الواقع
مش الحلم
اقصد الكابوس

شرفتينى ونورتى المدونة

كريم بهي said...

امرأة تقول الذى لا يقال

هى فعلا صعبة
بس هى الواقع
مش الحلم
اقصد الكابوس

شرفتينى ونورتى المدونة

Heart Beat said...

صديقي العزيز

ايه الموضوع الجميل ده

فيه الم عميق و احساس كأنك مكان اللي مات

النهار و الطفل و الاختباء

ما اروع الكلمات و التعبيرات دي

الابيات الاخيرة احساسها عالي كعادتك يا كريم

كاميليا بهاء الدين said...

مؤلمة اوى
اوى
اوى

المفروض تكون اسمها
ألم الاطفال الموجه للكبار

يسلم قلمك

كاميليا

rommantic said...

ياه يكفيك لو قلتلك انى دمعت بجد لما قريت
يكفيك لو قلتلك لنى حسيت بتفاهتى لما قريت الموضوع ده
يكفيك لو قلتلك انى بفكر ابطل الكتابه كل ده احساس
لا كل ده نسيان منا لاخواتنا
بس الحل ايه ؟؟؟؟

Rania Lelah said...

هذا هو نتيجة الصمت العربى
حقا
ماتت بنا النخوة

تحياتى

كريم بهي said...

heart beat
صديقتى الغالية
ميرسى جدا
جدا
جدا

*********************
كامليا
الصديقة الوحيدة اللى مقصر معاها بجد
بجد انتى حكيمة التدوين
وعندك حق

***********************
رومانتك
محمد صاحبى جدا
دا شعور متبادل من اخ زيك
ميرسى خالص
**********************
رانيا
صح كدا
هو دا بالظبط

كدا جبتى لب الموضوع

تحياتى

مي بهاء الدين said...

الأب المرحوم
الإبن الذي لحق به

لازال التاريخ يا أحبائي يسجل كل يوم أسماء من قتلتهم الأيدي الغادرة
ولازال الحكام العرب يضعون أصابعهم في آذانهم...ولازلنا جميعا نشاهد نشرة الأخبار ونتجرع مرارة مانشاهد
لك الله يافلسطين
لك الله

كريم بهي said...

مي بهاء
هييييييييييييييه
جيتى علي الوجيعة
ايوا صح
لك الله يا فلسطين

تحياتى مي

Bongo said...

حزينة جدااا بس واقعيه جدا جدا
طريقة كتابتك جميلة جداا ما شاء الله

و فعلا لك الله يا فلسطين

Dr. Diaa Elnaggar said...
This comment has been removed by the author.
Dr. Diaa Elnaggar said...

أخي الحبيب كريم

أبدع قلمك في الوصف والتعبير والبناء، ولكني شخصيا لي رؤية مغايرة تجاه الألم الفلسطيني والقضية الفلسطينية. إنها سلسلة طويلة ومحزنة من أخطاء لا نعلم عنها في العالم العربي سوى النذر اليسير، وهذه الأخطاء لا زالت مستمرة إلى هذه اللحظة، من كافة الأطراف، نحن وهم أيضا.

معهلش أنا مقصر معاك، لكنها المشاغل العلمية ليس إلا. على العموم ححاول ما قطعش لأني فعلا أجد راحتى في واحتك الأدبية الجميلة.

عميق تحيتي وخالص مودتي

ضياء

Unknown said...

السلام عليكم .حلاوة الكلام خليتنى مش عارفة اتكلم (عادة انا رغايه اوى)لكن فعلا حلاوه الموضوع والالتفاته التى احدثها لى عندما ادركت ان ما تتكلم عنه ليس لعب او عراك اطفال ولكنه يمس قضيه ووطن نتشاغل عنه بالمسلسلات والتوافة الكثيره
تحياتى واحترامتى الكبيرة لقلمك الكبير norahaty .وسنك الصغير