اليوم 31 من اغسطس 2007م
معنى ذلك انه قد مرّ عامٌ كامل علي ذلك الموقف الذى ظل محفورا على جدران الذكرى وخالدابوجدانى مادمت حيا ، نعم قد مرّ عام على ذلك الذى قرأت فى عصره فى جريدة المساء الادبى ان هناك مهرجان للشعر بقصر ثقافة بنها ، وسريعا توجهت من قريتى الى بنها وعلى القصر على القاعة المقام بها المهرجان . . .
دخلت القاعة محدقاً فى وجوه الموجودين جميعا من اعرفهم ومن لا اعرفهم ، ربما لانه اول مهرجان شعر احضرته او لانى كنت اعلم انى سأرى وجوها جديدة ممتعة واكسر زجاج المعتاد
اجلس فى آآآخر مقعد بجوار شاب في الثلاثينيات ، طويل يرتدى نظارة طبية ويلك صدراً ناهجا صعودا و هبوطا بطريقة مقلقة جدا رغم ذلك يشرب سيجارة !! ، المهم انى جلست بل واخذت كامل جلستى واسترخيت بظهرى للوراء للوراء
وفجأة .. نعم فجأة اصدر المقعد صوتاً مزعجا للغايه واحرجنى جدا .. واستدار صاحبنا الشاب بعصبية وقال لي :
( لا . لا يا تقعد بهدوء يا تقوم من هنا )
وطبعا وبكل كبرياء نظرت له نظرتى المعروفة عنى ولم انطق سوى نظرة له .. لكن تدّخل شاب قاص من نادى بنها وقال :
( يا كرم دا القاص محمد حسين بكر المعروف من القاهرة ، هو يمكن يكون عصبى شويه لكن لو شاف شعرك انا متاكد انه هايعجب بيه وقولك رأيه )
لكنى رفضت .. وتأسفت لذلك وهممت بالقيام وقتها نظر لى بكر نظرة مفعمة بالحنين والدفئ مختلط بذلك عصبية هادئة ونهجات صدرة المتعبة ، ورحت لاستمع لامجد ريان لكن احسست بانى شيئا عند بكر او ربما ترك هو شئ عندى ، كانت اول مرة اسمع عن بكر هذا واول مرة اشعراحساسى وقتها له
وبعد فترة قررت المغادرة لكن وانا خارج نظرت له واشتركنا فى نظرة لثوانى ومع ابتسامة خفيفة .. وخرجت
يمرُ شهر أو شهرين واقرا فى المساء الادبى وفى نفس مكان خبر المهرجان تقريبا خبر جديد بعنوان ( الموجة التعيسة لمحمد حسين بكر ) وعلمت ان بكر يرقد فى معهد ناصر ويعلم الله انى حزنت من اجللك اكثر من حزنى لو على نفسى او على اخى
ويعلم الله ايضا انى علمت وقتها انك ستموت ستموت وربما كان هذا سبب حزنى ان الامر ليس مجرد مرض وسألتنى آيه صاحبتى فى الكلية :
- مالك حاسه انك حزين ومش بتهذر معنا زى الاول
- معلش يا هابى حاسس انه قلبى مقبوض شوية
- قلقتنى فيه حاجة
- لا بس قريت فى المسا خبر ضايقنى عن واحد بحبه
- مين دا واحد من الادباء يعنى
- اه ، اسمه محمد حسين بكر وعيان فى معهد ناصر
- عادى هايبقى كويس الناس كلها بتعيا
-بس حاسس انه هيموت مش عارف ليه
- اه التشاؤم بتاعك ظهر وهايودى الراجل فى داهيه اوعى تزوره وانت كده
- لا والله هو كمان مبيعرفنيش انا بس اللى اعرفه
- يا شيخ باين بتحبه اوى وميعرفكش؟
- اه اوى ومش عارف ليه
وحاولت اعرف اخباره وتوصلت من رقم موبايله وارسلته له رساله باسم( واحد تعرفهوش)
وبعد شهر تقريبا او اكثر فى فبراير قرأت عند نائل الطوخى ومحمد صلاح العزب خبر الموت
صمت صمت صمت دمع دمع دمع وانا اقرأ البوست عن وفاته
وتركت المنزل فى ثورة حزن وانتفاضة احاسيس ممزقة بين الدمع ويستمر الحزن معى بين اصدقائى وكتبى ومحاضراتى واسرتى لفترة طويلة ويتكرر السؤال
( هو كان صحبك اوى كدا ؟)
-لا دا مكنش يعرفنى انا بس اللى بعرفه وبحبه وقابلته مرة واحدة بس ومتكلمناش الا كلمتين وشوية نظرات
( امال عامل كل دا ليه انت غاوى حزن )
-كنت بحبه مش عارف ليه ، كنت عارف انه هيموت واهو مات
- فاكرة يا ايه لما كنا بنتكلم عنه وقولتك انه هايموت
ومات بكر من هو ؟ ما هى علاقتى به ؟ لماذا احبه ؟
كلها تساؤلات خارج نطاق اجابتى لان اتصالنا روحانى فقط
لكن اشعر الان ان كل هذا هيأه الله لتكون هناك علاقة لى بسهى زكى زوجته والاديبة الكاتبة القاصة المعروفة لدى كل قلوب الرحمة عندما بدأت عند عزائى لها وبعدها تنطلق علاقة لتصبح هى شيئا عظيما فى كيانى ووجدانى وحياتى ورغم اننا لم نتقابل حتى الان ، لكن اعرفها جيدا
عن قريب انتظروا البوست عن سهى ذكى
وانتظروا البوست القادم قصيدتى الجديدة ( اعودُ ثانيةً )
رحم الله محمد حسين بكر .. ويارب يكون سعيد وهادئ فى بيته الجديد البعيد .. ربما لا يكفى هذا عنك ولكن ها هى احاسيسنا ووجدانا وكل ما فينا هو لك
مكتوب على كراريس ايامنا الراحلة والقادمة بخط منمم صغير خط نهى محمد حسين بكر ( بابا مامتش لسه جوايا انا
كريم بهي ؛